سورة يونس - تفسير تفسير البيضاوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (يونس)


        


{إِنَّ الله لاَ يَظْلِمُ الناس شَيْئًا} بسلب حواسهم وعقولهم. {ولكن الناس أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} بإفسادها وتفويت منافعها عليهم، وفيه دليل على أن للعبد كسباً وأنه ليس بمسلوب الاختيار بالكلية كما زعمت المجبرة، ويجوز أن يكون وعيداً لهم بمعنى أن ما يحيق بهم يوم القيامة من العذاب عدل من الله لا يظلمهم به ولكنهم ظلموا أنفسهم باقتراف أسبابه. وقرأ أبو عمرو والكسائي بالتخفيف ورفع {الناس}.


{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ سَاعَةً مّنَ النهار} يستقصرون مدة لبثهم في الدنيا أو في القبور لهول ما يرون، والجملة التشبيهية في موضع الحال أي يحشرهم مشبهين بمن لم يلبث إلا ساعة، أو صفة ليوم والعائد محذوف تقديره: كأن لم يلبثوا قبله أو لمصدر محذوف، أي: حشراً كأن لم يلبثوا قبله. {يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ} يعرف بعضهم بعضاً كأنهم لم يتفارقوا إلا قليلاً، وهذا أول ما نشروا ثم ينقطع التعارف لشدة الأمر عليهم وهي حال أخرى مقدرة، أو بيان لقوله: {كَأَن لَّمْ يَلْبَثُواْ} أو متعلق الظرف والتقدير يتعارفون يوم يحشرهم. {قَدْ خَسِرَ الذين كَذَّبُواْ بِلِقَاء الله} استئناف للشهادة على خسرانهم والتعجب منه، ويجوز أن يكون حالاً من الضمير في يتعارفون على إرادة القول. {وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ} لطرق استعمال ما منحوا من المعاون في تحصيل المعارف فاستكسبوا بها جهالات أدت بهم إلى الردى والعذاب الدائم.


{وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ} نبصرنك. {بَعْضَ الذى نَعِدُهُمْ} من العذاب في حياتك كما أراه يوم بدر. {أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ} قبل أن نريك. {فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ} فنريكه في الآخرة وهو جواب {نَتَوَفَّيَنَّكَ} وجواب {نُرِيَنَّكَ} محذوف مثل فداك. {ثُمَّ الله شَهِيدٌ على مَا يَفْعَلُونَ} مجاز عليه ذكر الشهادة وأراد نتيجتها ومقتضاها ولذلك رتبها على الرجوع ب {ثُمَّ}، أو مؤد شهادته على أفعالهم يوم القيامة.
{وَلِكُلّ أُمَّةٍ} من الأمم الماضية. {رَّسُولٍ} يبعث إليهم ليدعوهم إلى الحق. {فَإِذَا جَاء رَسُولُهُمْ} بالبينات فكذبوه. {قُضِىَ بَيْنَهُمْ} بين الرسول ومكذبيه. {بالقسط} بالعدل فأنجي الرسول وأهلك المكذبون. {وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} وقيل معناه لكل أمة يوم القيامة رسول تنسب إليه فإذا جاء رسولهم الموقف ليشهد عليهم بالكفر والإيمان قضى بينهم بإنجاء المؤمنين وعقاب الكفار لقوله: {وَجِئ بالنبيين والشهداء وَقُضِىَ بَيْنَهُمْ} {وَيَقُولُونَ متى هذا الوعد} استبعاداً له واستهزاء به. {إِن كُنتُمْ صادقين} خطاب منهم للنبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين.
{قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِى ضَرّا وَلاَ نَفْعًا} فكيف أملك لكم فأستعجل في جلب العذاب إليكم. {إِلاَّ مَا شَاء الله} أن أملكه أو ولكن ما شاء الله من ذلك كائن. {لِكُلّ أُمَّةٍ أَجَلٌ} مضروب لهلاكهم. {إِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} لا يتأخرون ولا يتقدمون فلا تستعجلون فسيحين وقتكم وينجز وعدكم.
{قُلْ أَرَءيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ} الذي تستعجلون به. {بَيَاتًا} وقت بيات واشتغال بالنوم. {أَوْ نَهَارًا} حين كنتم مشتغلين بطلب معاشكم. {مَّاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ المجرمون} أي شيء من العذاب يستعجلونه، وكله مكروه لا يلائم الاستعجال وهو متعلق ب {أَرَءيْتُمْ} لأنه بمعنى أخبروني، والمجرمون وضع موضع الضمير للدلالة على أنهم لجرمهم ينبغي أن يفزعوا من مجيء العذاب لا أن يستعجلوه، وجواب الشرط محذوف وهو تندموا على الاستعجال، أو تعرفوا خطأه، ويجوز أن يكون الجواب ماذا كقولك إن أتيتك ماذا تعطيني وتكون الجملة متعلقة ب {أَرَءيْتُمْ} أو بقوله: {أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ ءامَنْتُمْ بِهِ} بمعنى إن أتاكم عذابه آمنتم به بعد وقوعه حين لا ينفعكم الإِيمان، وماذا يستعجل اعتراض ودخول حرف الاستفهام على {ثم} لانكار التأخير. {الئان} على إرادة القول أي قيل لهم إذا آمنوا بعد وقوع العذاب آلآن آمنتم به. وعن نافع {الئان} بحذف الهمزة وإلقاء حركتها على اللام. {وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ} تكذيباً واستهزاء.

4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11